حبيتك يا بنت بلادي

الشاعر شربل بعيني لا يزال مسكوناً بهاجس التجديد والتغيير والتمرد على الاوزان والالحان الشعرية التقليدية.
   وقصيدته الجديدة "حبيتك يا بنت بلادي" هي احدى بنات هاجسه التجديدي، واحدى قنبلاته التمردية:
ـ1ـ
حابِبْ إِتْغَزَّلْ بِعْيُونِكْ
هَـ الأَصْفَى مْنِ الْخَمْرَه
وْأَنْقَى مْنِ الإِلْمَاس الْـ بَعْدُو
بْمَنْجَمْ طهْرُو نَاطِرْ..
حَابِبْ إِرْسِمْلِكْ نَهْدَاتِي
بْرِيشِه مَسْحُورَه
وْعَلِّقْهَا عَ الطُّرْقَاتْ
اللِّي مَا بْتِتْعَبْ مِنْ إِجْرَيْكِي..
ـ2ـ
حَابِبْ إِحْرِقْلِك بَخُّورِي
وْشِكّ بْشَعْرِك وَرْدِة عُمْرِي
الْمَقْطُوفِه مْنِ كْرُوم الْخَيْر
الْـ كَانِتْ تِتْدَلَّى حْوَالَيْكِي..
ـ3ـ
يَا أَجْمَلْ مِنْ وَاحَه
وْأَرْطَبْ مِنْ نقْطَات الْمَيّ
وْأَرْحَمْ مِنْ فَيَّات النَّخْلِه بْصَحْرَا
مَحْسُودِه مْن النُّور السَّاطِعْ مِنْ عِينَيْكِي..
ـ4ـ
زِعْلِت مِنِّي طْيُور الْغَابِه
وَقت الْـ سِمْعِتْنِي عَمْ غَنِّي
لإِسْمِكْ غِنِّيِّه شَعْبِيِّه
وْمَا قِدْرِتْ تِحْفَظْ كِلْمَاتَا
وْتِسْكِبْهَا كِلاَّ بْدِينَيْكِي..
   قد ينكر البعض على شربل هذا المنحى الشعري التجديدي، كما أنكر القدماء على جبران خليل جبران، ونزار قبّاني، وانسي الحاج، ويوسف الخال، وأدونيس، وغيرهم، لغاتهم الشعرية والادبية الجديدة، واكمال القصيدة عندهم وأوزانها. لكن القديم سقط امام تيارات التجديد التي لا تزال تتجدد باستمرار منذ كانت الدادائية والسريالية اللتين لعبتا دوراً تحريضياً مهماً على "تهوئة" الأدب واللغة وانعاشهما، واطلاقهما عبر شبابيك اللاوعي.
   والحق يقال ان الحركة الشعرية التجديدية كانت الأقدر على احتواء مخاض هذا الزمن، والاكثر تعبيراً عن همومه، وقضاياه، وهواجسه، وقفزاته الهائلة في مختلف مجالات المعرفة والعلم والتكنولوجيا. كانت ضميره ووجدانه في جميع تقلباته وتحولاته واغراءاته، ولا بأس اذا خرجنا نحن في المهجر، قليلاً على الموسيقى الخارجية "موسيقى اوزان الخليل" التي يناهز عمرها الألفي سنة، باعتبار انها لم تكن سوى امتداد للموسيقى في العصر الجاهلي.
ديالا، العدد الرابع، 2 ايلول 1987
**