زياد رحباني 12

      قرأت إعلاناً، بل دعوة خاصة لحضور مهرجان تكريمي لمناسبة مرور 25 سنة على صدور أول ديوان شعري للشاعر شربل بعيني بعنوان "مراهقة".
   وصل تقليد نزار قباني إلى المهاجر، لا بأس، فليكن، إنه ينفع ولا يضر.
   وسمعت قبلاً عن حروب "داحس والغبراء" بين أهل القلم في جاليتكم، ويقال إن كلمة واحدة قد تولّع حريقاً يمتد أسابيع، ويضيع الصحو الفكري في الدخائن والأغبرة وهدير الخراطيم المائية، وعويل سيارات الاطفاء والبوليس، وغوغاء الحشريين والمتفرجين، والله حياتكم حلوة على قلّة ثمرها، و"علقاتكم" مسليّة في زمن التثاؤب والهروب من المقالة السياسية "المكلفة".
   تكريم الشعر والشعراء عادة لبنانية عريقة على مستوى الدساكر والقرى، لا على مستوى الدولة، لأن الدولة والشعر لا يلتقيان. وإجمالاً، الدولة ضد الابداع، لأن الابداع في البداية والنهاية، تغيير، وثورة، وتمرد، ورفض. هذه الالفاظ تحمل في ذاتيتها أخطاراً جسيمة على الدولة كهيكل تنظيمي ثابت، وكأسلوب أداء وممارسة، وكشركة مصالح وتجارات.
   وما أريد قوله في هذا المجال قد لا ينسجم وعقليات كثيرة في جاليتكم الموقرة جداً. الإبداع "مهنة" المراهقين، وقدر الذين لا صوت لهم في الدولة. وعلى ما أعتقد، هو نتاج "العقل النقدي". وأعرف من خلال ما أطالع في صحفكم أن النقد ينفّر الشعراء والأدباء من الناقد. يعني ان النضج لما يكتمل، وأن الكلمة لا زالت "حصرمة" أو على صورة أراضينا البور الداشرة، و"الرزق الداشر يعلّم الناس الحرام". من هنا تكاثرت الأقلام في جاليتكم حتى "تكسرت النصال على النصال".
   آمل أن يكون الاحتفال تحريضاً على تحقيق قفزة نوعية في اللون والشكل والاسلوب واللغة، نريد إضافات لا تراكمات تراثية.
   هنئوا بالنيابة عني الشاعر شربل بعيني، وقولوا له من دون خفر: بإمكانك أن تعطي أفضل. والسلام.
النهار، العدد 828، 18/12/1993
**